التاريخ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التاريخ

المنتدى يتناول التاريخ العام ويختص في تاريخ الجزائر
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 معركة الكرامة بقلم اللواء (م) نزار عمار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سامرسامي
عنصر مميز
سامرسامي


عدد الرسائل : 230
تاريخ التسجيل : 15/04/2008

معركة الكرامة بقلم اللواء (م) نزار عمار Empty
مُساهمةموضوع: معركة الكرامة بقلم اللواء (م) نزار عمار   معركة الكرامة بقلم اللواء (م) نزار عمار Emptyالسبت أبريل 26, 2008 3:12 pm

معركة الكرامة

بقلم اللواء (م) نزار عمار


الظروف التي سبقت المعركة

أولا – لقد أدت هزيمة 1967 ، إلي حالة من اليأس وفقدان الثقة والإحباط والانكسار في الأوساط السياسية والعسكرية العربية ، لكنها كانت باعثاً للحركة الفلسطينية المقاتلة ، لإثبات نظريتها ودورها وقدرتها فرفضت روح الهزيمة ، وانطلقت بمجموعات فدائية من داخل الأرض المحتلة في الضفة والقطاع ، وأخري تعبر نهر الأردن الي غربه ، لتخوض معارك ضد مواقع وأهداف الجيش الإسرائيلي ، فقامت بنسف الجسور والعبارات ، وقطع خطوط المواصلات ، واشتبكت في معارك ضارية مع قوات الجيش الإسرائيلي .

ثانياً - في بداية عام 1968 ، واجهت حركة فتح اثر عمليات مجموعاتها في الداخل ، حملة اعتقالات عنيفة ، قامت بها القوات الإسرائيلية في الضفة والقطاع ، للانقضاض على خلاياها التنظيمية العسكرية ، وحتى منتصف مارس (أدار ) 1968 ، فقدت حركة فتح ، مائتين ونيف من أعضاء خلاياها ، وتمزقت أوصال ما تبقي من شبكاتها السرية ، بينما تحركت مجموعاتها القتالية منطلقة من نهر الأردن ، لتخوض معارك استشهادية مع قطاعات ودوريات الجيش الإسرائيلي ، وشهد منتصف شهر مارس ( آذار ) اشتباكات عنيفة بين القوات الإسرائيلية والجيش الأردني ، أدت إلي سقوط عشرين جنديا أردنيا ومدنيا وجرح ثمانية وخمسين آخرين ، وردت قوات العاصفة – فتح بشن اثنين واربعين هجوماً على أهداف إسرائيلية .

ثالثاً - الحكومة الإسرائيلية ، قررت أمام ازدياد وتصاعد هجمات مجموعات الفدائيين ، قررت القيام بعملية عسكرية واسعة تهدف إلي تدمير البنية الأساسية للقواعد العسكرية لحركة فتح ، وقوات التحرير الشعبية والمنظمات المسلحة الأخرى ، والقضاء على نواة الثورة الفلسطينية المسلحة ، إضافة إلى تحقيق اجتياح واسع للأراضي الأردنية يصل إلي السلط بهدف إخضاع القيادة السياسية في الأردن لشروط الاستسلام وهذا يشير إلى حجم العملية العسكرية الإسرائيلية وأبعادها الإستراتيجية . فقد حشدت إسرائيل قوة مهاجمة مكونة من لوائي مدرعات ومشاة ، وثلاث كتائب مظليين ، ودبابات ،وسلاح الهندسة ، وقد شمل ذلك اللواء المدرع السابع الذي استدعي من بئر السبع للقيام بالهجوم الرئيسي ، باعتبار انه أقدر ألوية الدروع الإسرائيلية وأقدمها خبرة . كما حشدت هيئة الأركان أسراب من الطائرات المروحية والقاذفات .

رابعا - تمكنت حركة فتح من حشد مائتي وعشرين عنصراً في الكرامة ومحيطها، بينما حشدت قوات التحرير الشعبية ، التي قررت البقاء في الكرامة نحو ثمانين رجلاً كان ضمنهم بضع عشرات من جنود الكتيبة 421 . كان نوعية تسليح مقاتلي فتح ، أسلحة رشاشة ، وألغام مضادة للدروع ، وسبع قواذف صواريخ مضادة للدبابات ( B2 ) ومدفع هاون عيار 82 ملم ، ورشاش ثقيل عيار 12.7ملم ( دوشكه ) وضع على تله تشرف على الكرامة ، بينما انتشرت فرقة المشاة الأولي للجيش العربي الأردني وكتائب الدبابات والمدفعية والهندسة التابعة لها بقيادة اللواء مشهور حديثة ومساعدة سعد صايل قائد كتيبة الهندسة . والتي تموضعت على التلال المطلة على نهر الأردن .

خامساً - قبل بدء المعركة بثماني وأربعين ساعة ، طلب رئيس الأركان الأردني عامر خماش وقائد الجيش العراقي في الأردن حسن النقيب ، الالتقاء مع القيادة الفلسطينية ، وانتدب ياسر عرفات ( أبو عمار ) وصلاح خلف ( أبو اياد ) للقائهما . في اللقاء تم إبلاغهما بالاستعدادات الإسرائيلية للهجوم على طول الجبهة ، ونوايا القوات الإسرائيلية اقتحام الكرامة " لسحق " المقاومة الفلسطينية وطلبا منهما ، من موقع التخوف من " سحقهم " والاستعداد الخروج من الكرامة لتامين وتغطية خروجهم إلي جبال السلط . لكن أبا عمار وصحبه ابلغا رئيس الأركان الأردني ، قرار قيادة فتح وهم :الثبات والقتال وعدم الخروج من الكرامة ، بل وكان رد القائد أبو عمار " إننا نريد أن نقنع العالم أن هناك في الأمة العربية من لا ينسحب ويهرب ، ولنمت تحت جنازير الدبابات ونغير اتجاه التاريخ في المنطقة ، لقد قررنا أن نثبت ولو أدي ذلك إلي استشهادنا "

سادساً - كان أبو صبري ( ممدوح صيدم ) عضو القيادة العسكرية للعاصفة وقائد الساحة الأردنية ، علي اتصال وتنسيق مع اللواء مشهور حديثة وسعد صايل ، يقول أبو عمار " كان لدينا بصيص أمل في إمكانية دعم الجيش لنا ، لم نكن على يقين أنهم سيقاتلون معنا . وأدركنا منذ البداية أن صمودنا على ارض المعركة هو الذي سيغير مجري التاريخ .،،

سابعاً - اتخذت قيادة فتح قرارها بالبقاء مع مقاتليها في الكرامة ، في بؤرة الخطر ، كان مقاتلوها من خيرة الشباب الجامعي المتفاني ، الملتزم بقضية وطنه وقيادته التي وقفت أمامه وليست خلفه . وحيث جري في الكرامة اجتماعً عسكري للقيادة المركزية لحركة فتح ، وقيادة قوات التحرير الشعبية ، والجبهة الشعبية ، واتخذ القائد العسكري للجبهة الشعبية احمد زعرور والقائد الميداني احمد جبريل القرار بالانسحاب شرقاً إلي التلال خارج مدينة الكرامة ، تطبيقاً لمبدأ أن الحفاظ على الذات هو أعقل خيار في وجه عدو يتمتع بالتفوق الساحق . بينما اتخذت فتح قرار الثبات في الكرامة مهما بلغت التضحيات ، ويصف ياسر عرفات هذا الشهد بقوله " وحين تجمعت إشارات هجوم إسرائيلي على قواعدنا في الكرامة ، أخدنا قراراً تاريخياً ، لا علاقة له بالنظريات العسكرية التقليدية المعقدة في حروب العصابات ، وخاصة في مراحلها الأولي ، حين أبصرنا بعين المستقبل النافذة أن الصمود ، وتقديم أرواح الشباب المتحمس لتحرير وطنه ، والقادم من كل جامعات العالم ، سيفتح عصراً ذهبيا جديداً للثورة الفلسطينية "

ظروف المعركة

1- بدأت المعركة فجر يوم الخميس 21 مارس " آذار " 1968 ، حيث بدا الهجوم الإسرائيلي بقصف مدفعي كثيف على مواقع القوة الفلسطينية ، ومواقع الجيش الأردني ، من جسر دامية وحتى جسر سويمه الممتدة على نهر الأردن . وتقدمت أرتال الدبابات الإسرائيلية وعبرت النهر باتجاه الأراضي الأردنية تحت غطاء وابل من قذائف المدفعية والدبابات والقصف الجوي ، على عدة محاور من الجنوب والوسط والشمال ، بهدف محاصرة الكرامة التي تعرضت لقصف كثيف ومتواصل من المدفعية الإسرائيلية المساندة المتمركزة غرب النهر ، بينما حلقت الطائرات العمودية فوق الكرامة مباشرة في عملية تمشيط مركزة بالرشاشات . وكان أساس الخطة الفلسطينية . التستر والاختفاء والانتشار لحين امتصاص الضربة العسكرية الإسرائيلية الأولي ، بانتظار تقدم ارتال الدبابات ، وتمكنت المدفعية الأردنية التي تعاملت مع التقدم الإسرائيلي منذ اللحظة الأولي في صد بدايات الهجوم ، ودفعت إسرائيل بأسراب طائراتها القاذفة وركزت القصف المدفعي ، على مواقع المدفعية الأردنية ، وعند الساعة العاشرة صباحا ، وبعد مرور أكثر من أربع ساعات على بدء الهجوم وصلت الدبابات الإسرائيلية إلي مشارف بلدة الكرامة ، وقامت بإنزال قوات المظليين بواسطة الطائرات العمودية خلف البلدة ، وقامت مجموعات الفدائيين باصطياد الدبابات الإسرائيلية علي مشارف الكرامة والشونة ، وبسبب ضعف إمكانياتها اندفعت إلي داخل بلدة الكرامة ، التي وصلتها الدبابات الإسرائيلية بدعم كثيف من طائرات الهليكوبتر ، حيث دارت معركة ضارية وجها لوجه بين المقاتلين الفلسطينيين والقوات المدرعة الإسرائيلية ، في أزقة الكرامة ومن خلال ركام بيوتها المهدمة ، من شارع إلي شارع ، حيث لم يبقه معالم لأي شارع بفعل الدمار ، واستخدم المقاتلون الفلسطينيون الأحزمة الناسفة واندفعوا بها بأجسادهم لنسف الدبابات الإسرائيلية بينما اندفع آخرون بالسلاح الأبيض والقنابل اليدوية نحو مشاة القوة الإسرائيلية . كان نداء " الله اكبر " نداء يدوي في الكرامة ، كان هو نداء القوة والعزيمة التي شحنت النفوس وهو نفس نداء الجنود المصريين عند عبور القناة لدحر العدو في العام 1973، وكلما ارتفع نداء " الله اكبر" كان الانتصار . وللمرة الأولي في تاريخ الحروب مع إسرائيل ، رفض الطلب الإسرائيلي بوقف إطلاق النار قبل انسحاب القوات الإسرائيلية تماماً من الأراضي الأردنية إلي غرب النهر ، مندحره بعدما فشلت في تحقيق أهدافها .

2- دفعت إسرائيل ثمناً باهظاً لهذا الهجوم ، الذي خططت له بكل دقه ووضعت له أبعاد إستراتيجية ودفعت إليه أفضل قطاعاتها العسكرية ، واستخدمت أسلحتها الجوية والبرية ، لقد سقط لها ثمانية وعشرون قتيلاً وتسعون جريحاً ، وتم تدمير أربع دبابات وخمس عربات مدرعة ، وطائرة حربية بحسب اعترافها . وبلغت خسائر الجيش الأردني 61 شهيدا و108 جريحا ، وتدمير 13 دبابة وإعطاب 20 أخري وتعطيل 39 عربة أخري .

أما علي صعيد خسائر المقاومة الفلسطينية ، فلقد تحملت الخسائر الأكبر نسبياً ، إذ فقدت فتح اثنين وتسعين شهيداً من خيرة كوادرها ، وفقدت قوات التحرير الشعبية أربعاً وعشرون مقاتلاً ، وجرح في المعركة مائة فدائي ، إضافة إلي 40 عنصراً وقعوا في الأسر . وكانت خسائر فتح تعادل نصف عدد المقاتلين المتفرغين تقريباً في تلك الآونة . إضافة إلي فقدان الجزء الأكبر من التسليح المتواضع التي كانت تملكه

المتغيرات الأساسية التي أحدثتها معركة الكرامة

أولاً: تبدل استراتيجي في الموقف المصري

اثر الانتصار والصمود في معركة الكرامة ، تبدلت نظرة بعض الأنظمة العربية نحو المقاومة الفلسطينية وحركة فتح قائدة الانطلاقة ، وتحولت علاقة مصر مع حركة فتح إلي تحالف استراتيجي ، وأصبحت إستراتيجية الزعيم جمال عبد الناصر قائمة علي " ملء الفراغ الزمني إلي حين إعادة بناء قواتنا بواسطة عنصرين : حرب الاستنزاف ونشاط فتح " ، فقد اثبت قرار "فتح" بالصمود والقتال في الكرامة للرئيس عبد الناصر إنها حركة جديرة بالثقة والدعم ، وكان من نتائج تلك العلاقة الوطيدة ، أن أرسل جمال عبد الناصر شحنة من السلاح تعويضا عن خسائر فتح العسكرية التي فقدتها في الكرامة ، بل اصدر توجيهاته إلي الأجهزة العسكرية والأمنية المصرية لتقديم كافة الإمكانيات والتسهيلات ، فبدأت الدورات التدريبية المتخصصة لكوادر فتح في المجال الأمني والعسكري والتي كانت نواة لتأسيس أجهزتها الحركية ، كما قدمت مصر لحركة فتح موجه خاصة لإذاعتها لتبت يومياً النداءات لمجموعاتها السرية في الأرض المحتلة وتعلي ويرتفع صوتها صوت العاصفة في كافة أرجاء العالم العربي .

ثانياً : دعماً مالياً بارزاً من المملكة العربية السعودية

اثر معركة الشهادة والثبات في الكرامة ، التي شاركت فيها حركة فتح ، قيادةً ومقاتلين ، قام المغفور له الملك فصل بدعوة الأخوة أبي جهاد وأبي إياد إلي لقاء معه في المملكة ، وتعهد لهما بدعمٍ ماليٍ على قدر كبير من الأهمية . لقد ساهم هذا الدعم المعنوي والمالي ، في تنمية قدرات فتح " على استيعاب التدفق الهائل من شباب فلسطين ، وكادرات فتح التنظيمية للتفرغ في العمل العسكري وكافة مؤسسات الحركة والثورة . كما ساهم مع غيره من الدعم المالي والعيني من جهات عربية أخرى ، في بناء قواعد وقطاعات فتح العسكرية ومؤسساتها في مختلف النواحي .

ثالثاً : تعزيز التواجد العسكري والسياسي والتنظيمي على الساحة الأردنية ،

حيث كان من نتائج معركة الكرامة ، تبدل في العلاقة مع الأردن ، فرفع الجيش الأردني حصاره عن الكرامة وقواعد الفدائيين ، وحدث تعاطف وتبدل في الموقف الرسمي الأردني في تلك الآونة ، والذي كانت تنتابه الهواجس والتخوفات والشكوك ، وأعلن العاهل الأردني في خطابه إلي الشعب نداءه كلنا فدائيون وأقامت فتح قواعدها الارتكازية على امتداد الجبهة الأردنية ، وشيدت قطاعاتها العسكرية ، وأنشأت مكاتب ومؤسسات لها في العاصمة وامتد تنظيمها إلي كافة مخيمات اللاجئين في الأردن ، وغدا " مخيم الوحدات " القلعة الراسخة لحركة فتح الرائدة . وتضاعف عدد المتفرغين في فتح حتى وصل إلي 2000 متفرغ إضافة إلي 12 ألف من أبناء التنظيم في المدن والمخيمات ، ولم يقتصر انبعاث فتح على الساحة الأردنية فقط بل امتد إلي الساحة اللبنانية ، بل وكافة ساحات الشتات الفلسطيني ، حيث اندفع العديد من القيادات والكوادر الفلسطينية والعربية تاركه أحزابها السياسية لتلتحق بالمقاومة المسلحة الفلسطينية ، فقد قدمت الكرامة " المصداقية والجدية وروح الفداء والعطاء بل الأمل بالتحرير وعودة الحقوق والوطن المسلوب .

المعني الاستراتيجي لمعركة الكرامة

أولاً : شكلت " معركة الكرامة " الخالدة ، حافزاً رئيسياً لحرب الاستنزاف التي قادها الجيش المصري ضد القوات الإسرائيلية ، حرب الاستنزاف التي أعطت التجربة والوقت لإعداد القوات المسلحة المصرية لحرب أكتوبر عام 1973 ، ذلك باعتراف كبار القادة العسكريين ، إن نموذج وتجربة الكرامة كسر حاجز الوهم بأسطورة الجيش الذي لا يقهر ، وأكدت للمقاتل العربي في الجيوش العربية ، انه إذا توفرت روح الفداء ، والقيادة المتقدمة علي جنودها في المعركة والإيمان ، فأن النصر محقق بمشيئة الله .

ثانياً : إن الرؤية المستقبلية الثابتة ، والإيمان بحتمية الانتصار ، والاعتماد على روح التضحية والفداء لدي المقاتلين ، وقرار القيادة بالمواجهة والثبات والتضحية ، كلها مجتمعه قادرة على إحداث المتغيرات الإستراتيجية ، والتحولات التاريخية وقلب موازين القوي والمعادلات العسكرية .

ثالثاً : لقد شكلت معركة الكرامة ، أساساًً لتحولات استراتيجيه في المنطقة الشرق أوسطية والتي بدأت تتنامي وتتراكم منذ انتصار الكرامة وانصبت في اعتبار القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ، نقطة الارتكاز المركزية ، ومحور كل تحرك سياسي وعسكري لحل القضايا المعقدة والملتهبة في الشرق الأوسط ، وامتدت أثارها ، رغم مرور عقود من الزمن ولا زالت حتى الآن .

رابعاً : لقد شكلت معركة الكرامة ، بأبعادها السياسية والعسكرية والتنظيمية وتفاعلاتها ودلالاتها ، نقطة تحول في مسيرة المقاومة الفلسطينية ، ونموذجاً لكافة حركات التحرر في العالم ، فلقد غيرت الكثير من مبادئ وقواعد أسس إدارة الصراع بين القوي العسكرية النظامية المتمثلة بالجيش الإسرائيلي وبين قوات ومجموعات المقاومة . لقد عززت الكرامة دور ارتفاع الروح المعنوية ، ودور الإيمان والإرادة والثبات وعدم الانسحاب والمواجهة ، التي يجب ان تتسلح بها القيادة والمقاتلون . لقد استبدلت معركة الكرامة روح الإحباط والانكسار واليأس الناجمة عن الهزيمة والتي تسببت بها النكسة العسكرية ، وتبدلت إلي روح الانطلاق والأمل والانبعاث والفخر ، وكسرت حاجز الوهم الذي تلبس المعقدين بأسطورة الجيش الذي لا يقهر .

قضايا التشكيك التي أثيرت بعد الكرامة

أدي الانتصار الكبير في الكرامة ، إلي ظهور حملات التشيكك الصادره من بعض الفئات التي هالها أن تري حجم المد الجماهيري التي حظيت به فتح والمقاومة الفلسطينية ، وانحصرت حملة التشكيك والتي استمر ترديدها حتى اليوم ، حيث تطرح في ذكري معركة الكرامة السنوية ، وفي الفضائيات التي يدعي إليها شخصيات عربيه وفلسطينية ، أمنيه وعسكريه ، وتنحصر روايات التشكيك في مسألتين :

أولا ً: حول دور الجيش الأردني من جانبٍ ، ومقاتلي فتح من جانبٍ آخر ، والادعاء بأن معركة الكرامة ، قاتل فيها الجيش الأردني بمفرده بينما انسحبت قوة الفدائيين التي لم يكن لها دور في المعركة وان فتح " سرقت " الانتصار من الجيش الأردني.

وأفضل رد على هذه المزاعم وحملات التشكيك ما جاء في شهادة الفريق مشهور حديثه ، قائد الأركان الأردني ، وقائد اللواء الذي شهد وشارك في معركة الكرامة والذي يقول في شهادته :

" أبو عمار فضل التمركز في الكرامة ، في بؤرة الخطر ، خلافاً لما تم التنسيق عليه ، وكان ذلك حباً منه للتصادم مع اليهود ، والقتال وجهاً لوجه ، وهذا ما حدث حيث صمد في قلب الكرامة ، وكان مع أبي عمار كل المجموعة القيادية بما فيهم أبو إياد وأبو صبري ، أولئك الرجال كانوا في المقدمة ، في الأمام يقاتلون مع جنودهم مع عناصرهم ، وهذه للتاريخ ، ليذكر أنهم كانوا جنودا للتضحية والفداء " ويضيف الفريق مشهور حديثه :

" والحقيقة التي يجب أن تقال أن الفدائيين وحركة فتح الفدائية قامت بأعمال جريئة ومتقدمه رغم ظروفهم الصعبة وهي أعمال تستحق التقدير ، وقد أدت إلي النتائج العظيمة التي أحرزتها معركة الكرامة ." ويضيف أن " الفدائيين اشتبكوا بالسلاح الأبيض ، وجها لوجه مع الجنود الإسرائيليين داخل بلدة الكرامة ، حملة اربي جي قاموا بواجب عظيم ، بكفاءة عالية وشكلوا مصيدة للدبابات الإسرائيلية ." ويضيف الفريق مشهور حديثه " لقد قام – الجيش والفدائيون – بدوران متكاملان معاً . واهم ما تحقق هو وحدة الدم والهدف بين الجندي الأردني وأخيه المقاتل الفلسطيني حيث قاتلا صفاً واحدا وبتنسيق على اعلي المستويات "

ثانياً : التشكيك حول قيادة فتح ، من منهم بقي في الكرامة وشهد المعركة ، ومن منهم انسحب أو غادر البلدة ولم يشارك في المعركة ، وللحقيقة أن أبا عمار طلب في الاجتماع القيادي الذي سبق بدء الهجوم ، ألا تتمركز القيادة بكامل أعضائها في بلدة الكرامة وان تنقسم الي فريقين احدهما تبقي داخل بلدة الكرامه والأخرى تتواجد على مشارف الكرامة ، كي لا تستشهد القيادة بكاملها ، وإدراكا منه ان المعركة غير متكافئة وان التضحيات ستكون بالغة ، ومع بدء المعركة تعرضت المنطقة بكاملها ، البلدة ومحيطها والأغوار والمشارف إلي القصف الجوي والمدفعي . لقد شارك في معركة الكرامة وتواجد في محيطها ، الزعيم أبو عمار وأبو جهاد وأبو صبري وأبو علي إياد من القيادة العسكرية ، اضافه إلي أبي إياد وأبي اللطف وأبي حلمي الصباريني وزكريا عبد الرحيم وكوادر أبطال من أمثال صلاح التعمري وأبو علي مسعود وصائب العاجز وموسي عرفات وغيرهم ، ومن الشهداء عبد المطلب الدنبك ( الفسوري ) وربحي الاسطي ( أبي شريف ) وعلي عياد ، وفتحي تمر ، وبشير داوود ( أبي تمام ) وزهير جابر ، وسلامة محمود البورنو ، وسمير محمد الخطيب ، وأبو إبراهيم معليش ، وعوض العدلي ، ومحمد إبراهيم ، وجميل إبراهيم البلعاوي ، وحامد المرة ، ومحفوظ شميط ، واحمد محمد شاكر ، ومحمد دعاس عبيد ، ومصطفي احمد مصطفي ، وخليل ذيب ، وجميل مصطفي ، وسعيد الأسعد . وعبد الله ابو السعود ، والشهيد خالد والشهيد أبو طير . والسعيد ابو اميه والشهيد عدنان ، وشحده فضيل . ولكل شهيد منهم ملحمه بطوليه بحد ذاتها .

الدروس المستفادة من معركة الكرامة

1- إن امتلاك القيادة للرؤية ألاستراتيجيه البعيدة المدى ، والتي تستشرف المدلولات السياسية للمعركة ، وقدرة القيادة علي اتخاذ القرارات الصعبة والشجاعة والحازمة في الظروف الصعبة واللحظة التاريخية ، هي أهم عوامل الانتصار في المعارك التاريخية ، السياسية والعسكرية .

2- إن التحام القيادة بالمقاتلين ، وقتالها بشجاعة بجانبهم ، في المقدمة دائماً ، هي التي تخلق روح الفداء والتضحية والاستبسال لدي المقاتلين ، وتضع معجزات الانتصار ، وتغيير موازين القوي

3- إن التزام القاعدة بقيادتها وبقراراتها وانضبا طية المقاتلين ، مهما كلفهم ذلك من تضحيات ، هي أحد العوامل الأساسية لتحقيق الانتصار الذي يغير وجه التاريخ

4- أهمية وضرورة العلاقة بين الثورة والمقاومة بالمحيط الجماهيري والالتحام به .

5- أهمية علاقات التنسيق مع القوات النظامية المساندة ، لتحقيق التكامل في الأدوار ، ولتعزيز الكفاح المشترك ووحدة الدم والهدف والمصير .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
معركة الكرامة بقلم اللواء (م) نزار عمار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
التاريخ  :: الفئة الأولى :: المنتدى العام :: تاريخ فلسطين-
انتقل الى: