أصبحت الدولة الأغلبية أول دولة تستقل عن العباسيين، كان ذلك أثناء خلافة هارون الرشيد. اشتهر بنو الأغلب بأعمالهم البحرية. كانوا أول من فتح جزيرة صقلية، ثم تابعوا فتوحاتهم في جنوب إيطاليا وسردينيا. رغم أنهم لم يتوسعوا داخل الأراضي الإيطالية، إلا أنهم أخضعوا كل المدن الساحلية إلى سيطرتهم، ولم تسلم حتى روما منهم، كانوا يقومون باجتياح هذه المدن ثم ينسحبوا إلى قواعدهم. كان للثورات الداخلية (الخوارج والبربر) دورا كبيرا في زعزعة استقرار الدولة، انتهى دور بنو الأغلب في المنطقة مع ظهور الدولة الفاطمية.
تعتبر الدولة الإدريسية أول دولة شيعية في تاريخ الإسلام (حسب التعريف الذي كان سائدا آنذاك)، رغم أن إدريس بن عبد الله (الكامل) يعتبر مؤسس الدولة، إلا أن انطلاقة الأدارسة الفعلية كانت في عهد ابنه إدريس (الثاني)، ابتنى مدينة فاس واتخذ منها قاعدة لدولته، كان للأدارسة الدور الكبير في نشر تعاليم الإسلام بين البربر. يصعب تحديد امتداد رقعة الدولة الإدريسية، كانت قبائل البربر تقاوم محاولات إخضاعها للسلطة المركزية. سيطر الأدارسة على مناطق شمالي المغرب الأقصى وغرب الجزائر -عدا بعض مناطق الساحل الشمالي-، امتدت دولتهم جنوبا حتى السوس الأقصى ووادي الدراع، وعاشت هذه المناطق في عزلة سياسية عن المناطق الشمالية، إلا أنه كان لها دور كبير في التجارة الصحراوية. تعايشت الدولة الإدريسية مع دولتي برغواطة وبني واسول (مدرار)، كان بنو أعمامهم من "بنو سليمان" يحكمون مناطق غرب الجزائر (تلمسان والتنس)، بعد تقسيم الدولة بين أبناء إدريس (راجع الخريطة) بدأت الصراعات الداخلية كما أخذت أطماع بنو أمية (في الأندلس) تزداد. انحصرت رقعة الدولة في المناطق الشمالية قبل أن يحل محلهم بنو مغراوة (صنائع خلفاء قرطبة).
تنازعت ثلاث دول السلطة في شمال إفريقية: بنو الأغلب، الرستميون و الأدارسة. انضم بنو أمية لاحقا إلى هذا الصراع. كان للرستميين دور كبير في المغرب الأوسط، وسيطروا مع أقربائهم -بعد إحدى الزيجات- من بنو مدرار على التجارة الصحراوية في المنطقة. وسعوا رقعة دولتهم حتى طرابلس شرقا على حساب الأغالبة، كانت لهم صلات تجارية قوية مع الأمويين في الأندلس. انتهى هذا العهد مع ظهور الدولة الفاطمية في تونس على حساب الأغالبة واستيلاء قادتها على تاهرت، فتراجع الرستميون إلى المناطق الداخلية، كما امتد نفوذ الأمويين إلى المناطق الغربية عن طريق صنائعهم من بني مغراوة، فأنهوا دولة الأدارسة فيها.
كادت الدولة الأموية أن تنهار بسبب الانقسامات الداخلية وضعف الأمراء، إلا أن عهدا جديدا بدأ مع تولي الأمير عبد الرحمن بن محمد، استطاع الأخير أن يسترجع وحدة الدولة، ولما تحقق من قوته تلقب بالخلافة، بسط سلطته على المغرب الأقصى عن طريق أتباعه من بني مغراوة (بنو أبي العافية) على حساب الأدارسة، كما قضى على دولة بني مدرار في سجلماسة، حتى يضمن لدولته طرقا تجارية جديدا، بعد أن أطاح الفاطميون بدولة الرستميون -والتي كانت تمر عبرها تجارة الأندلسيين مع الصحراء-. كانت للأمويين نشاطات أخرى في شمالي البحر المتوسط، فاجتاحوا جزيرة كورسيكا، وكونوا قواعد لهم في جنوب فرنسا (جبل الكلال)، سيطروا على ممرات التجارة الجنوبية في جبال الألب، استمر تواجدهم هناك حوالي نصف قرن من الزمن. انقلب عليهم الحجاب أولا ثم بنو حمود - من الأدارسة - وتعاقب الفريقان على تولي الخلافة في قرطبة حتى زالت هيبة الدولة، واستقل كل عامل بمنطقته، عرف العهد التي أعقب دولتهم بملوك الطوائف.
بعد سقوط الخلافة الأموية في قرطبة، انقسمت الدولة الإسلامية في الأندلس إلى دويلات عدة، كان كل عامل من عمال الأمويين يستقل بالأمر، وعرف حكام هذه الفترة بملوك الطوائف. عرف العهد الأول من ملوك الطوائف -والذي استمر حتى ظهور دولة المرابطين - تقلبات كثيرة، كانت رقعة هذه الدويلات في تغير مستمر. بعض هؤلاء الحكام حكم يوما واحد وبعضهم استطاع أن يصمد بضعة سنوات أخرى وآخرون ورثوا أبنائهم الحكم. لم يدم الوضع طويلا وأخذ ميزان القوى يميل لصالح بعض الطوائف الكبيرة (راجع الخريطة اللاحقة).
مع نهاية عهد الطوائف الأول برز كل من بنو عباد وبنو هود. استحوذ هؤلاء على أكثر من نصف رقعة الأندلس الإسلامية. بعد أن سقطت طليطلة في أيدي النصارى استفاق ملوك الطوائف من غفلتهم، وطلبوا العون من أمراء المرابطين، قام المرابطون بصد الزحف المسيحي، ثم قضوا على ملوك الطوائف الأولى.
جاء المرابطون من أقاصي الصحراء الغربية، نشروا دعوتهم الجديدة بين قبائل البربر. منذ قواعدهم في الصحراء، شرعوا في الزحف على المغرب الأقصى، فقضوا على دولة برغواطة، ثم أتى الدور على بنو مغراوة. بنوا مدينة مراكش على تخوم الصحراء، فحلت محل سجلماسة في التجارة الصحراوية. أتموا توحيد كامل بلاد المغرب، وامتدت سلطتهم إلى بعض المناطق في غربي الجزائر، استنجد بهم ملوك الطوائف بعد بدأت مدن الأندلس تسقط تباعا، قاموا بصد الزحف المسيحي والقضاء على ملوك الطوائف في الأندلس. بسطوا نفوذهم جنوبا حتى بلاد غانة. انتهى دورهم مع قيام دولة الموحدين.
بعد سقوط مدينة طليطلة في أيدي النصارى أصبح مصير الأندلس بين أي هؤلاء، وأمام عجز ملوك الطوائف عن صدهم، كان المرابطون الأمل الوحيد في الذود عن دولة الإسلام. حل هؤلاء بالأندلس واستطاعوا صد الجيوش المسيحية في معركة الزلاقة الشهيرة. رغم انتصارهم المدوي لم يكن للمرابطين أطماع كبرى في الأندلس (نظرا لطبيعتهم الصحراوية)، فتركوا الوضع كما هو عليه. كانت بلنسية الاستثناء الوحيد في القاعدة، فقد استولى عليها أحد المغامرين الأسبان، وظلت في أيد النصارى حتى مطلع القرن الثاني عشر، ثم استردها المرابطون من جديد. أثناء حكم آخر الأمراء بدأت حركة الاسترداد المسيحية تقدمها من جديد، وسقطت العديد من المدن في أيدي النصارى.
بعد أن استقر الفاطميون بمصر تخلى هؤلاء عن إفريقية لصالح بني زيري. نظرا لانقطاع رقعة دولتهم عن مصر وانشغال الفاطميين بالعباسيين، قام الزيريون بإعلان استقلال دولتهم. بدأت الصراعات الداخلية بين أفراد الأسرة، واستقل الحماديون بالشطر الغربي من الدولة، ثم أسسوا عاصمتهم الجديدة: بجاية. أصبح للحماديين شأن كبير، فقاموا بتوسيع رقعة دولتهم حتى حدود القيروان وتونس شرقا و فاس غربا. قام أحد الأمراء الزيريين بإعلان الطاعة للعباسيين واتخذ من المذهب السني مذهبا رسميا. نقم عليه الخلفاء الفاطميون فسلطوا القبائل الهلالية (هلال، سليم ورباح) على إفريقية. استحل هؤلاء البلاد ونهبت المدن على غرار القيروان عاصمة الدولة، بعد الغزوات الهلالية تقهقرت رقعة الدولتين الزيرية والحمادية إلى المناطق الساحلية. تعقدت الأمور مع وصل النورمن. كان هؤلاء قد احتلوا جزيرة صقيلة وأخذوا يوجهوا أطماعهم نحو تونس. تم لهم الأمر، فاجتاحوا المهدية وكان ذلك نهاية دولة بنو زيري. أقامت القبائل الوافدة دويلات عديدة في المنطقة، وكانت ولاءاتها مختلفة هي أيضا، بعضها لم تكن إلا مناطق نفوذ. مع وصول طلائع جيوش الموحدين إلى المنطقة، بدأت هذه الدويلات الصغرى في التهاوي، الحماديون أولا، ثم باقي الدويلات الهلالية الواحدة تلو الأخرى. انتهت هذه المرحلة مع بسط الموحدين لسيادتهم على كامل إفريقية.
انطلق الموحدون من قلعتهم في تنملل، فقضوا على دولة المرابطين ووحدوا المغرب الأقصى، أنهوا حكم ملوك الطوائف الثانية في الأندلس، عرفت الحركة الفكرية عهدها الذهبي أثناء دولتهم وخلفت لنا هذه المرحلة أكبر الفلاسفة في العالم الإسلامي. مع تقدم جيوش الموحدين إلى ناحية الشرق، دخلوا في صراع مع بنو غانية (أمراء الجزائر الشرقية ومن أقرباء المرابطين)، استطاع هؤلاء أن يصمدوا في وجههم لأكثر من عقدين. حسم الموحدون الموقف لصالحهم في النهاية، فخضعت كامل البلاد في من تونس إلى المغرب الأقصى لسلطتهم. تلقوا هزيمة قاسية أمام النصارى في معركة حصن العقاب. بدأت دولتهم في التراجع، فحل المرينيون محلهم في المغرب الأقصى
بعد سقوط دولة المرابطين بدأت فترة ملوك الطوائف الثانية، إلا أن هذه الممالك لم تعمر طويلا، فقد زحفت جيوش الموحدين إلى الأندلس لتحل مكان قوات المرابطين. أمضى أمراء الموحدين الأوائل وقتهم متنقلين بين المغرب والأندلس. كانوا وعلى عكس المرابطين قد فضلوا الاستقرار لبعض الوقت في هذه الديار. انتصروا على النصارى في وقعة الأرك، فدانت لهم البلاد لبعض الوقت، ثم هزموا في وقعة حصن العقاب، فبدأت دولة الإسلام في الأندلس في التراجع. بدأت المدن تسقط تباعا، ومع نهاية دولة الموحدين كانت نصف رقعة البلاد قد انتقلت إلى أيدي النصارى. بدأت المرحلة الأخيرة مع قيام دولة بني الأحمر، استطاع هؤلاء الصمود طويلا أمام القوى المسيحية، إلا أن توحد مملكتي قشتالة والأرغون، عجل بنهاية آخر دولة إسلامية في الأندلس.
انتهت مرحلة الموحدين وجاء الدور على ثلاثة دول لتقتسم شمال إفريقية فيما بينها: الحفصيون، الزيانيون والمرينيون. جاء المرينيون من الصحراء الغربية إلى المغرب، نظموا أنفسهم وشرعوا في القضاء على نفوذ الموحدين في المغرب، انتهت هذه المرحلة مع سقوط مراكش في أيديهم ونهاية دولة الموحدين. كان الحفصيون والزيانيون عمالا من قبل الموحدين على تونس وتلمسان، استقل كل منهما بدولته بعد سقوط دولتهم. نظرا لموقعها تعرضت دولة الزيانيين لغزوات عديدة من طرف المرينيين تارة والحفصيين تارة أخرى. بسبب انقسام الأسرة انشطرت دولة الحفصيين إلى قسمين، في تونس وبجاية. عرفت دولة المرينيين نفس المصير، وكانت نهايتها على أيدي أقربائهم من الوطاسيين. أخذ النفوذ التركي يتزايد في شمال إفريقية، بدؤوا بالجزائر فقضوا على الزيانيين، ثم جاء الدور على الحفصيين بعد ذلك.
مع مطلع القرن السادس عشر بدأت سواحل الشمال الإفريقي تتعرض للهجمات الإسبانية، كانت الدولتين الزيانية والحفصية تحتضران. قام الأهالي بطلب النجدة من العثمانيين. حل الأتراك بالجزائر وأسسوا قواعد عسكرية وبحرية لهم على شواطئ البلاد. في نهاية القرن السابع عشر كان الدايات يحكمون الجزائر، قام هؤلاء بتنظيم الإدارة وتقسيم البلاد إلى مناطق (بايليك) على رأس كل منها باي. استقر الأتراك في بعض المدن الكبيرة وتركوا بقية البلاد لأهلها. كانت العديد من المناطق تدار بطريقة شبه مستقلة عن السلطة المركزية (سلطنة كوكو، سلطنة بني عباس). انتهى التواجد الإسباني في البلاد في نهاية القرن الثامن عشر، وتم إخضاع أغلب القبائل المتمردة، فعاشت البلاد فترة من الاستقرار. دام الوضع على حاله إلى حين قدوم القوات الفرنسية واحتلاها للبلاد.