تم تقليل : 85% من الحجم الأصلي للصورة[ 300 x 408 ] - إضغط هنا لعرض الصورة بحجمها الأصلي
كل التواريخ عن استيلاء العبرانيين القدماء على أرض فلسطين وتوزيعها علي الأسباط لا سند تاريخي له
صدر عن دار الساقي في بيروت، قبيل الاعتداء الغاشم علي لبنان كتاب للباحث العراقي قاسم الشواف تحت عنوان: فلسطين ـ التاريخ القديم الحقيقي يستعرض تاريخ الارض الفلسطينية منذ ما قبل التاريخ وحتي نهاية الخلافة العباسية.
وعن هذا الكتاب يقول المؤلف في مقدمته:
ان ما سوغ تأليف هذا الكتاب عن فلسطين، هو ضرورة ابعاد الباحثين العرب عن اعتماد المرويات التوراتية، وكأنها تاريخ لفلسطين، نناقشه ونسعي لدحضه وفي ذلك عقم وضياع للوقت .
كما يعتبر ان تاريخ فلسطين الحقيقي ليس في المرويات، لانها ليست كتاب تاريخ وكل ما تدعيه لأسسها التاريخية، لا تاريخية له.
ارض فلسطين وما جاورها من مناطق الهلال الخصيب بما في ذلك الشاطئ الكنعاني، بوابته الغربية علي عالم المتوسط،
تم اشغـالها منذ الألف العاشر لما قبل الميلاد، حين بدأ التمركز علي تلك الارض، وبنيت عليها المساكن الاولي واستقرت نهائيا حين تمكنت من تدجين الحيوان وتدجين
الحبوب وممارسة الزراعة وبدأ عند ذلك بناء المدن وتنظيم المجتمع وبناء الحضارة التي عرفتها المنطقة وعرفتها ممالك ـ المدن في بلاد ما بين النهرين، منذ الألف الثالث قبل الميلاد كما عرفتها مصر الفرعونية.
جميع ما عرفته فلسطين، أي تاريخها الحقيقي، يستقيه الكتاب من النصب التذكارية وجدران المعابد ومكتشفات الحفريات الأثرية المكتوبة وهي التي تشكل بالنسبة للتاريخ، حقائق لم تحور ولم تزور عبر القرون.نقب التوراتيون الاجانب في أرض فلسطين منذ منتصف القرن التاسع عشر بقصد اثبات صحة المرويات التوراتية ولم يوفقوا في مسعاهم.
اما الصهيونية التي احتلت ارض فلسطين واسست عليها دولة اسرائيل، فقد حفرت وسبرت في كافة المناطق، لاثبات ما قدمته لها المرويات ولم يثبت لها ذلك ايضا. حتي الان بعض منقبيهم اعترف بهذه الحقيقة.
اما الحقيقة، كما يوضحها الكتاب،
فهي بالاضافة الي المكتشفات الاثرية التي قدمتها ارضها مثبتة قدم كنعانيها،
فان وثائق خارجية فرعونية مكتوبة تعرف منذ بداية الألف الثاني لما قبل الميلاد باسماء الملوك والامراء الذين تولوا ادارة مختلف مناطقها. يشير الكتاب ايضا الي انه ابتداء من الربع الاول من الألف الثاني، اي منذ عام 1750 ق.م. عرفت مصر حركة سكانية قادمة من فلسطين،
دخلت مصر عبر الدلتا واسست في شمالها ووسطها، ممالك عرفت تحت تسمية ممالك حكم الهكسوس وهم من كنعانيي فلسطين الذين تفاعلوا ايجابيا مع الحضارة
المصرية وبنوا المدن وحكموا مدة لا تقل عن مئتي سنة.
اما الصورة الحية الثالثة التي يقدمها الكتاب،
عن ممالك فلسطين وحكام فلسطين خلال ما عرف بفترة العمارنة في مصر، اي ابان حكم كل من فرعوني مصر امينوفيس الثالث والرابع (أخناتون)، ثم عرضه بالتفصيل عبر مراسلات تل العمارنة التي تعود الي القرن الرابع عشر قبل الميلاد
وتمثل صورة حية لما كانت عليه ممالك فلسطين وممالك الساحل الكنعاني حتي مملكة اوغاريت في اقصي شماله.
كما تشير الي احداث التمرد، الذي اطلق آنذاك من قبل الزعماء المحليين، بقصد التحرر من النفوذ المصري، الي ان ظهر الخطر الحثي، وتم تقاسم السلطة علي
الساحل بين مصر والامبراطورية الحثية.
في بداية القرن الثاني عشر ق.م، عرفت البلاد هجرات من عرفوا بشعوب البحر المدمرة آتية من اقصي الشمال ومن المتوسط، وكان ذلك سببا في زوال الامبراطورية الحثية وهدم اوغاريت وزوال عدد كبير من ممالك الشاطئ الكنعاني،
واستقرار مجموعات
الفيليست الآتية من البحر، علي الساحل الجنوبي المتوسطي،
وهم الذين اعطوا اسمهم لفلسطين وامتزجوا بالسكان الاصليين وتفاعلوا معهم ودافعوا بدورهم عن فلسطين وورثوا عداء المرويات التوراتية.
[
u]يتضح من كل ذلك ان فلسطين لم تفرغ قط من شعبها، [/u]وان عرفت هجرات داخلية وخارجية، تفاعلت معها واصبحت جزءا من نسيج شعبها.
بداية عصر الحديد الحديث اي حوالي 1200 ق.م، هي الفترة التي اختارتها المرويات التوراتية، للادعاء بأنها احتلت ارض فلسطين التي وعد بها يهوه شعبه،
وكأن فلسطين كانت فارغة من البشر، وكما يقول المؤلف: فارغة من البشر تنتظر قبائل يهوه التي خرجت من الصحراء،
وفقا للمرويات
بعد ضياع مدة اربعين عاما، وتمكنت بقلة من البشر من احتلال كامل ممالك فلسطين!
كل ذلك لم يحدث تاريخيا ولا اثبات عليه وهو عبارة عن اسطورة وكذلك هو وجود انقسام بين مملكتين بعد حكم ما عرف بمملكة داود وسليمان وامبراطوريتهما، هو ايضا لا صحة له، علي اعتبار، كما يوضح ذلك الكتاب، ان المملكتين والمزعومتين لم تكونا قط موحدتين.
يوضح الكتاب ايضا، ان فلسطين، كسائر مناطق الساحل، قامت عليها ممالك متعددة، وما عرف بمملكة الشمال الفلسطينين كان مركزها الديني (بيت ايل)والسامرة
عاصمتها وكانت كنعانية المعتقد، كسائر ممالك الساحل مثال غزة وصور وصيدون وجبيل وصومور واوغاريت.
ومملكة السامرة هي التي لم يبخل كتبة المرويات التوراتية، حتي بعد زوالها في التعبير عن كرههم لها حكما، كرهوا ايدوم ومؤاب وعمّان وكرهوا السامرة
ايضا لانها دخلت في حلف مع دمشق وحماة ضم 12 ملكا لمجابهة حملة شلمنصر الثالث في عام 853 ق.م. واستمر الحقد حتي بعد خضوعها لآشور وازدهارها.
عرفت السامرة علي يد سرجون الثاني عام 715 ق.م، نقل عدد كبير من سكانها الي انحاء الامبراطورية الآشورية واسكان اربع قبائل عربية تم اخضاعها في البادية.
أما ما عرف بمملكة الجنوب الفلسطيني ، فيشير الكتاب، الي انه في عام 729 ق.م، وللمرة الاولي ذُكرت جزية كانت تقدم ؟؟ الثالث من قبل كل من بلد (عسقلانو) و(اورومو) و(غزاتو) و(ياؤدو) في الجنوب الفلسطيني.
قام بعد ذلك سنحريب، في عام 701 ق.م، بانقاذ ملك (عقرون) الذي كان مرتبطا بقسم مع آشور الي (حزاقياؤ) من بلد (ياؤدو) وتم طلب مساعدة مصر حين عرف المتمردون ان سنحريب كان في طريقه اليهم لتحريرهم، وفعلا جاءت مصر لمساعدتهم وكان الانتصار لآشور وتم تحرير خاري، ومحاصرة (حزاقياؤ) في اور
شاليمو) مدينته الملكية وسُلخت عنه اماكن وضعت تحت ادارة (غزاتو) وهنا يضيف الكتاب، ان تلك كانت المرة الاولي، التي يتم معها ذكر (اورشاليمو)
وكان ذلك في نص عام 701 ق.م، مع ان جميع المدن التي كانت حولها، ورد ذكرها مرارا في النصوص المتعددة السابقة التي اثبتها الكتاب.
ويستنتج المؤلف ان اورشليم لم تكن لها اهميتها آنذاك مع انه ورد ذكرها في نصوص اللعنات المصرية التي تعود الي بداية عام 1900 ق.م، وكذلك في مراسلات تل العمارنة خلال القرن الرابع عشر وذلك قبل ظهور بني اسرائيل حسب المرويات التوراتية.
كما يذكر الكتاب، بانه ورد في النص الآشوري ان سنحريب عاصر حزاقياؤ ملك (أروشاليمو) كعصفور في قفصه ويستنتج ان هذا القفص لم يكن يتعدي المقر العائلي المقام علي جبل (الأوفل) مما يعني ان اورشليم عام 700 ق.م، لم تكن لها اهمية المدينة،
كما انه بشكل خاص لم يعثر علي اي اشارة الي معبد اورشليم، اي المعبد الاول الذي بناه سليمان وفاخرت المرويات بعظمته، ثم يتساءل المؤلف اذا ما كان بناء معبد سليمان هو ايضا اسطورة كما كانت امبراطورية داود وسليمان؟
اما اسرحدون فانه في عام 673 ق.م حين قرر بناء قصره في نينوي طلب من بين من طلب، منهم 12 ملكا من ساحل المتوسط، طلب منهم تزويده بالمواد اللازمة، الرخام والاخشاب وتسليمها في نينوي وتم ذلك فعلا وفقا للنص، ومن بين الملوك ملك مدينة (ياؤدو) (ميناسو)، وهنا ايضا لم يرد اسم اورشليم.
في عام 639، كما يعرض ملحق في الكتاب توج الطفل (جوزياس) توج ملكا علي (اورشليم) وهو لا يتعدي الثماني سنوات وكان تحت تأثير كاهن عهد بتربيته كما يجب متحليا بالتعصب الاعمي ومؤمنا بقدرة الإله يهوه، فحاول مع كاهنه محاربة بقية الآلهة ونشر عبادة يهوه علي كامل ارض فلسطين بقصد السيطرة عليها في حلم ايديولوجي.
وخلال حكمه فقط تم ابتداع اسطورة المرويات التوراتية كمرحلة تأسيسية استكملت خلال السبي الي بابل وفيما بعـده واستثمرتها الحركة الصهيونية لمصلحتها.
ثم عرف عام 597 ق.م، احتلال ما عرف بمملكة يهودا واسر ملكها (يواكين) ونقله الي بابل، وقد تابع الكتاب اثره في بابل بعد اسره اذ ورد اسمه علي لائحة توزيع المواد الغذائية في القصر.
يلي ذلك الفترات الفارسية ثم المقدونية مع الاشارة الي ان غزة وصور وحدهما قاومتا دخول الاسكندر المقدوني.
اما العهد الروماني في فلسطين فقد عرف تمرد اقلية يهودية متطرفة حاولت الاعتراض علي كون معبد القدس الذي بناه هيرود الايدومي المعين من قبل روما،
انفتح علي جميع المعتقدات كما كانت جميع معابد البلاد الكنعانية وشمل اعتراضهم اقامة تمثال الامبراطور الروماني المؤله في المعبد.
ادي ذلك بالنتيجة الي هدم المعبد وتحويل القدس الي عاصمة رومانية منع اليهود من التمركز فيها. ينتهي الكتاب بعرض ما عرفته فلسطين خلال المرحلة البيزنطية يليها الفتح العربي الاسلامي مقدما تلخيصا عنه.
أما ما يمكن استنتاجه من المواضيع المهمة التي وردت في هذا الكتاب هو انه
لاول مرة يعرض تاريخ فلسطين علي حقيقته
ودون الاعتماد علي المرويات التوراتية الاسطورية ويتضح من قراءته، ان كل ما روي عن استيلاء العبريين القدماء علي ارض فلسطين في القرن الثاني عشر وتوزيع ارضه علي الاسباط وتأسيس مملكة موحدة بين الشمال والجنوب في فلسطين والتحدث عن عظمة داود ومدينته وامبراطوريته من النيل الي الفرات لم يكن له
اي سند تاريخي وينطبق ذلك ايضا علي حكم سليمان،
وقد
اثبتت الوثائق التاريخية ان جزئي فلسطين الشمالي والجنوبي لم يكونا قط موحدين في الزمن المزعوم لحكم داود وسليمان وان البون كان شاسعا في ذلك الوقت بين المنطقتين في الشمال كان منفتحا وغنيا ومتقدما حضاريا وكان كنعاني المعتقدات بينما كان الجنوب في بداية
القرن السابع لما قبل الميلاد فقيرا ومتخلفا وكان يجهل الكتابة والادارة المركزية حتي نهاية القرن السابع حين ابتدعت فكرة المرويات التوراتية تعبيرا عن مطامع
استيلائه علي ارض فلسطين، توبعت فصول كتابتها
خلال فترة السبي الي بابل وما بعده وعدلت وطورت مرارا لملاءمتها مع ما يخدم تلك المطامع.
وأخيرا فإن هذا الكتاب المعتمد علي الوثائق القديمة الثابتة، التي وحدها لها الحق في ان تتكلم علي كل قارئ عربي ان يطلع عليه وذلك انصافا التاريخ ولأرض
فلسطين ولشعب فلسطين.