سامرسامي عنصر مميز
عدد الرسائل : 230 تاريخ التسجيل : 15/04/2008
| موضوع: الحضارة الإسلامية الراقية (2) الجمعة يونيو 27, 2008 5:35 pm | |
| أما ماكس مايرهوف فيقول في كتابه "تراث الإسلام " "إن العلم الإسلامي قد عكس ضوء الشمس الغاربة في اليونان. وتلألأ كالقمر في سماء العصور المظلمة.. وثمة كواكب سطعت من تلقاء نفسها وأضاء سناها ظلمة هذه السماء". واعترافاً بفضل العلوم الإسلامية على الإنسانية فقد تكونت في كل الدولة المتقدمة مراكز لدراسة التراث الإسلامي وإعادة تقييمه.. وقررت هيئة اليونسكو إحياء ذكرى هؤلاء العلماء على مستوى العالم كله.. فقامت في كل من روسيا وأمريكا وفرنسا وأسبانيا احتفالات بمناسبة العيد الألفي لابن سينا وأخرى للعيد الألفي للرازي وذكرى ابن رشد والبيروني وأنشئت في روسيا لجنة دائمة لتكريم ابن سينا رصدت الجوائز السنوية لأفضل بحث عن أعماله.. كما ألفوا عن هؤلاء العلماء التمثيليات والمسرحيات. وفي أمريكا أصدرت هيئة تسمية تضاريس القمر التابعة لأبحاث الفضاء نشرة بإطلاق أسماء18 عالما إسلاميا علي تضاريس القمر وعلي محطات الهبوط علي سطحه.. تقدير لفضلهم في التوصل إلى هبوط الإنسان علي سطح القمر. كما تكونت جماعات من الخبراء عملهم التنقيب عن قبور هولا العلماء.. "واستخراج الجمجمة وتصويرها بالأشعة ثم تقدير ملامح العالم من الجمجمة وعمل صور وتماثيل له لوضعها في المتاحف العلمية وقد توصلوا إلى شكل ابن سينا والرازي وغيرهم . وبعض هذه الصور منشور في هذا الكتاب بل إن أبحاث علماء الغرب شملت التنقيب عن بيوت هؤلاء العلماء ومعاملهم الخاصة ... ويذكر ( هولمياد ) أنه عثر في الحفريات على معمل جابر بن حيان في الكوفة وهو أشبه بالقبو تحت بيت قديم ووجد فيه أجهزة التقطير والقوارير والمواقد وعدد كبير من الكيماويات والأجهزة . واجبنا نحو تراثنا العلمي من الأمور المؤسفة حقاً أن أغلب المتعلمين المسلمين لا يعرفون شيئاً ذا بال عن التراث العلمي الإسلامي ... وذلك لأن التعليم في مدارسنا لم يهتم بهذا الجانب الاهتمام الكافي . وقد يدرس التلميذ التراث الأدبي من شعر وأدب وحكمة وقد يدرس أخبار الشعراء والأدباء والفلاسفة المسلمين .... أما العلوم التطبيقية وروادها فلا يعلم عنهم شيئاً وبذلك يتصور أن العرب والمسلمين كانوا أمة خطابة وشعر ولم يكونوا أهل علم وعمل . وقد يقول قائل إن أغلب هذه العلوم القديمة قد عفا عليه الزمن ... وحلت مكانه علوم حديثة متطورة وليس من المعقول أن يدرس أولادنا علوم القرن العاشر الميلادي ويتركوا علوم وتكنولوجيا القرن العشرين . وطبعاً نحن لا نطلب ذلك ... ولكننا نقول أن دراسة التراث العلمي الإسلامي تهدف إلى تحقيق الأهداف التالية : أولا العزة القومية : ـ وهو أمر لا يمكن إغفاله أو الاستهانة به …فكل الشعوب الناهضة تعتز بماضيها وتراثها وتحاول أن تثبت أنها لم تكن نكرة في التاريخ بل لها فضل على الإنسانية بما قدمته من حضارة وتطور .... ثانيا : أن تكون أمجاد الماضي حافزاً على النهضة في المستقبل وأن تكون سيرة الأجداد وانجازاتهم العلمية حافزاً للأحفاد على الاقتداء بهم ... وعلي حب العلم . ثالثا: الاستفادة من تجارب السابقين في العلم الحديث : مثال ذلك ما فعلته الصين بعد تدارس نظام الوخز بالإبر في ضوء التكنولوجيا العصرية وقدمته إلى العالم كعلم جديد نافع اهتزت له الأوساط العلمية في أوربا . ونحن لدينا الكثير من العلوم الإسلامية مثل طب الأعشاب ـ علم جبر العظام ـ علم الكي ويمكن بعد إعادة دراسة هذه العلوم أن نجد فيها الكثير مما تقدمه إلى الإنسانية في قالب عصري جديد . واجب علمائنا المعاصرين نحو أجدادهم : ـ من المعروف أن أي كتاب أوربي يصدر في عصرنا الحالي ويتناول أي علم من العلوم أو فروع دقيق من فروع هذا العلم …. فإنه يبدأ بلمحه من التاريخ …تتناول تطور هذا العلم وإنجازات السابقين فيه . ولكنهم غالباً ما يبدءون هذا الجانب التاريخي من عصر النهضة في أوربا ويغفلون بذلك فترة الحضارة الإسلامية وانجازاتها … بل أن منهم من يبدأ بدور الفراعنة والإغريق ثم ينتقلون مباشرة إلى أوروبا … والواقع أننا لا نستطيع أن نتهمهم بالتعمد أو التحيز لأن أغلب كتبنا التي يؤلفها علماؤنا العرب والمسلمون والتي تدرس في جامعاتنا اليوم تسير على هذا المنوال من تجاهل دور العلماء المسلمين الأولين .
و السبب في ذلك واضح وجلي.. وهو أن تاريخ العلوم الإسلامية لم يخدم حتى اليوم خدمة جيدة ولم يبرز إلي حيز الوجود في قالب علمي مقنع يمكن أن يرجع إليه كل عالم متخصص.. لكي يستقي منه ويعتمد عليه.. ومعظم الدراسات التي قدمت في هذا الميدان قامت على أكتاف اللغويين والمؤرخين والمتخصصين في كتب التراث.. ولا شك أن لهؤلاء فضلاً" عظيماً لا ينكر في التوعية بتراثنا العلمي.. ولكن المطلوب اليوم أن يتقدم العلماء المتخصصون لدراسة هذه المخطوطات القديمة كل في فرع تخصصه.. وأن يستخرجوا منها ما أنجزه أجدادهم من اختراعات واكتشافات علمية سبقوا بها العالم.. فكلمة واحدة أو إشارة علمية من عالم متخصص مؤيده بالوثائق العلمية سوف يكون لها من التأثير العالمي أضعاف ما للعالم اللغوي. وأبسط مثل على ذلك ما حدث مع أربعة من العلماء المسلمين المعاصرين: 1- الدكتور محي الدين التطاوي: المتوفى سنة 1945 وكان أخصائياً في أمراض القلب اكتشف أن ابن النفيس هو المكتشف الحقيقي للدورة الدموية.. وقدم رسالة دكتوراه في ذلك إلي جامعة برلين كان لها دوي كبير في الأوساط العلمية العالمية عندما تأكدوا من الحقيقة.. وكانت نتيجتها أن أصبحت جميع الكتب العلمية التي تصدر في أوربا بعد هذا التاريخ تعترف بفضل ابن النفيس وسبقه على أوروبا). 2- الدكتور محمد خليل عبد الخالق. أستاذ علم الطفيليات في جامعة القاهرة قام بدراسة ما جاء في كتاب القانون لابن سينا عن الديدان المعوية وتبين له أن الدودة المستديرة التي وصفها ابن سينا هي ما نسميه الآن (الانكلستوما) وقدم بحثاً بذلك إلى قسم الطفيليات في مؤسسة روكفلر بمناسبة العيد الألفي لابن سينا كان من نتيجته اعترافها بأن ابن سينا هو المكتشف الحقيقي للإنكلسنوما قبل العالم الإيطالي دويبني بثمانية قرون وقد عممت هذه الحقيقة على جميع الهيئات العلمية وسجلت في الطبعات الجديدة من المراجع والموسوعات العلمية. 3- عالم الفضاء الدكتور فاروق الباز: قدم إلي هيئة أبحاث الفضاء في أمريكا بحثاً عن فضل وإنجازات ثمانية عشر من علماء المسلمين في الفلك كان من نتيجته أن قررت تلك الهيئة إطلاق اسم كل واحد منهم علي واحد من تضاريس القمر ومراكز الهبوط عليه. 4- الأستاذ الدكتور جلال شوقي: أستاذ علم الميكانيكا في جامعة القاهرة توفر علي دراسة ما كتبة علماء الفيزياء المسلمون عن الميكانيكا. فاكتشف أن المسلمين قد وصلوا إلى معرفة قوانين الحركة وذكر وها بنصها قبل نيوتن بعدة قرون). ومما لا شك فيه أن هناك الكثير الكثير مما يمكن أن نكتشفه في ثنايا المخطوطات الإسلامية العلمية.. فهناك آلاف من الكتب في متاحف أوروبا والعالم الإسلامي والعربي لم يتم تحقيقها. وبعضها قابع منذ قرون في المخازن لا يعرف شيء عما حواه من أسرار. وفي ذلك يقول البروفسور نيدهام في موسوعة (العلم والحضارة في الصين إذا كانت هذه الاكتشافات في العلوم الإسلامية قد ظهرت بالصدفة وبجهود فردية.. فماذا ينتظر العالم من مفاجآت لو توفر على دراسة هذا القدر الهائل من المخطوطات الذي لم يقرأ بعد؟، نقول تعقيباً على ذلك: كيف يكون الحال لو قامت الكليات العلمية في العالم العربي والإسلامي والمؤسسات العلمية العربية بعمل منظم في هذا الميدان ؟ | |
|